مقابلة | أزمة غلاء.. تأثيرها على المجتمع العربي

سجلت منتجات كثيرة، في الآونة الأخيرة، ارتفاعا باهظا في الأسعار في أعقاب ضرائب جديدة فرضتها الحكومة الإسرائيلية، عدا عن تأثر منتجات أخرى بارتفاع الأسعار عالميا.

مقابلة | أزمة غلاء.. تأثيرها على المجتمع العربي

(أ ب)

سجلت منتجات كثيرة، في الآونة الأخيرة، ارتفاعا باهظا في الأسعار في أعقاب ضرائب جديدة فرضتها الحكومة الإسرائيلية، عدا عن تأثر منتجات أخرى بارتفاع الأسعار عالميا.

ورأى الخبير الاقتصادي، عمر عواودة، أن ما يزيد من خطورة ووطأة الغلاء هو أن المنتجات التي سجلت ارتفاعا في أسعارها تستهلك بشكل أكبر من قبل الشرائح الاجتماعية الضعيفة، ويتم استهلاكها في المجتمع العربي ضعفي المجتمع اليهودي من حيث النسب.

وبهذا الصدد، كان لـ"عرب 48" هذا الحوار مع عواودة حول موجة الغلاء التي تشهدها البلاد وتأثيرها على المجتمع العربي.

"عرب 48": ما هي أسباب موجة الغلاء في هذه الفترة؟

عواودة: علينا إدراك أن موجة الغلاء التي نشهدها هذه الأيام هي قضية عالمية وليست فقط في البلاد، وقد أقول إن الغلاء في البلاد أقل وطأة منه في العالم وذلك لتزامن موجة الغلاء مع هبوط العملات الأجنبية وتعزيز الشيكل الإسرائيلي، أي أن نسبة الغلاء لم تظهر كما في العالم، ومع ذلك شهدت البلاد ضرائب جديدة وارتفاع في أسعار الكهرباء والوقود، كل هذه الضرائب وارتفاع الأسعار أوصلنا لغلاء المعيشة الحالي.

"عرب 48": إلى أي مدى تحقق الضرائب هدفها المعلن من مكافحة استخدام المنتجات غير الصحية أو غير البيئية؟

عواودة: المشكلة أن الضرائب المفروضة على منتجات مستهلكة بالدرجة الأولى عند الطبقات الفقيرة، مثل العصائر المحلاة والأدوات أحادية الاستخدام، هذه مواد تستهلك بالدرجة الأولى لدى الطبقات الفقيرة، لذلك تؤثر هذه الضرائب بالدرجة الأولى على الطبقات الضعيفة، وتأثيرها وخيم على مستوى الدخل لهذه العائلات، وهناك أساليب لمساعدة هذه الطبقات مثلا عبر إلغاء الجمارك عن منتجات الحليب فهذا نهج ضريبي يمكنه مساعدة الطبقات الضعيفة، ولكن هذا لا يحدث، هناك إعلان نوايا يواجه بمعارضة المزارعين وطبعا هذه الفئة تحافظ على حماية منتجاتها على مدار السنين من المنافسة مثل البيض والخضراوات ومنتجات الحليب لا تنتمي للشرائح الضعيفة وخصوصا في المجتمع العربي، كما نعلم هذه المنتجات أرخص بكثير في الخارج ولكن فرض الجمارك يبقي تفوق المنتج الإسرائيلي المحمي عمليا.

"عرب 48": إسرائيل تعتبر من أكثر الدول غلاء في العالم خصوصا في قضية التناسب بين غلاء الأسعار وانخفاض الأجور؟

عواودة: إسرائيل ثاني أغلى دولة عالميا في الضرائب، إذا احتسبنا مختلف الضرائب من الدخل للفرد نجد أن الضريبة في الدخل العالي تصل إلى 60%، وهذا غير طبيعي ولكن الأهم من ذلك هو القسمة غير العادلة في صرف الضرائب على الشرائح الاجتماعية المختلفة، بمعنى الضرائب هي الدخل الحكومي، وتعاد إلى المجتمع على شكل مصروفات وتوزيع هذه الأموال غير عادل، ومبني على قطاعات (القادمين الجدد، المدن التطويرية، المتدينون، العرب، البدو، الدروز) والعرب في أدنى سلم التوزيع، وهذا نجده في مختلف الميزانيات في الوزارات فالتعريف حسب الفئات الاجتماعية وليس وفقا للفرد.

عمر عواودة

"عرب 48": ماذا عن الضرائب غير المباشرة؟

عواودة: هذه الضرائب أيضا لها تأثير سلبي جدا خصوصا على مجتمعنا العربي، مثلا تقليص إعادة ضريبة البلو على السولار، كانت الدولة قد فرضتها بقيمة 2.6 شيكل على كل لتر سولار، وبعد الاحتجاج من قبل أصحاب الشاحنات قررت الدولة إعادة 1.7 شيكل عن كل لتر لأصحاب الشاحنات وقبل عام تلاشي البلو ويتم تقليصه وصولا إلى 0.67 أغورة عن اللتر، وهذا المجال يؤثر بالدرجة الأولى على السائقين وأصحاب الشاحنات العرب، وهي ضريبة أخرى بشكل غير مباشر أثرت بشكل مباشر على العرب، وبالتالي نحن في حالة غلاء مستمر والأهم إجحاف في توزيع الميزانيات حتى مع خطة الميزانية الحكومية، لأن النظرة السائدة عن المجتمع العربي أننا طابور خامس لا نستحق.

"عرب 48": كيف ستؤثر ضريبة المنتجات المحلاة على المجتمع العربي تحديدا؟

عواودة: استهلاك المجتمع العربي للمنتجات المحلاة ضعفي المجتمع اليهودي، وهذا ينعكس سلبا بشكل صحي على المجتمع العربي الذي ترك التغذية السليمة، والتي تظهر أيضا بمستوى ارتفاع مرضى السكري لدى العرب ضعفي اليهود، وآمل أن تسهم هذه الضريبة فعلا في تخفيف استهلاك هذه المنتجات، استهلاك مفرط للسكر يؤدي لأضرار جسيمة ومجتمعنا مع الأسف يستهلك السكر بشكل غير واع، وإذا حققت الضريبة الهدف فنحن معها ولكنني أشدد على ضرورة التوعية الصحية أولا.

"عرب 48": وهل فعلا تؤدي الضريبة إلى مكافحة فعلية للاستخدام، شهدنا فشل الضريبة في تحقيق الهدف من مكافحة التدخين عندما فرضت ضرائب عالية على التدخين؟

عواودة: في حالة التدخين تظهر دالة الاستهلاك أنها عامودية، بمعنى أن الاستهلاك يبقى كما هو دون تأثير لسعره، وكأنه حالة إدمان، أي فشلت الضريبة في تحقيق هدف مكافحة الاستخدام، آمل ألا تكون لدينا حالة إدمان على السكريات.

"عرب 48": إلى أي مدى ساهمت سياسة الحكومة الحالية في كبح الغلاء أو لنقل تهيئة سياسة مالية لمواجهة الأزمة العالمية للغلاء؟

عواودة: هذه الحكومة عاجزة عن العمل اقتصاديا بثبات لمدى طويل، الخطوات المتخذة آنية وهي ذاتها لا تؤمن أنها حكومة دائمة، ولذلك لا نلاحظ أصلا خطوات على المدى البعيد رغم إقرار الميزانية العامة الغائبة عن الإقرار منذ عامين، وللحقيقة فإن الخطوات التي اتخذتها حكومة نتنياهو السابقة كان لها مردود إيجابي على الاقتصاد الإسرائيلي، ولكن الحكومة الحالية على أرض الواقع تنفذ سياسة إعادة المنح التي وهبتها الحكومة بشكل كبير ما يؤدي فعليا إلى شطب الخطوات الإيجابية التي اتخذت في حكومة نتنياهو لمواجهة أزمة وباء كورونا، ومعظم المصالح التجارية التي حصلت على المنح تطالب بإعادتها حتى القروض التي منحت تشدد البنوك في سياستها رغم ربحها في فترة جائحة كورونا وموجة فتح مصالح جديدة لا تبدو حاليا في الأفق.

التعليقات